آخر الأخبار

الناقد الأدبي جـمال غلاب في حوار لـمجلة "آدم"   أتفهّم شكاوى الـمبدعين منْ ظلم بعض النقاد، النقد عندنا تحت الطلب ومبني على "الشِّلليّة" والإعلام الـمُزيَّف

الناقد الأدبي جـمال غلاب في حوار لـمجلة "آدم"

أتفهّم شكاوى الـمبدعين منْ ظلم بعض النقاد، النقد عندنا تحت الطلب ومبني 
على "الشِّلليّة" والإعلام الـمُزيَّف






أول نوفمبر تعني التحرر من العبودية التي راهن عليها الاستيطان المتوحش المحتل

الإعلام سبب مآسينا وتعويم الرداءة في كل المشاهد السياسية والاجتماعية والثقافية والإبداعية

قاطعت معرض الكِتاب الذي تحول إلى كشك كبير، وجففت منه كل حيوية

أيعقل نُقّاد في جائزة بوكر للرواية لا يعرفون مرجعية الرواية وعناصر السرد الثمانية، ويُصدِرون أحكامهم!؟

نحن أُمّة لا تَقبل النقد، ويقتصر على الجانب اللغوي، وجماليات اللفظ، والعبارة، هذا يُعَدّ كبحًا له، لذلك العملية النقدية بقتْ مركونة في الرف منذ مئات السنين

معايير الإبداع عند نقاد الغرب "الأدب موهبة والنقد حِسٌّ والذوق يُكتسَب عن طريق الـمِراس"

فاقد الشيء لا يعطيه، الذين في الصدارة لا علاقة لهم بالإبداع، ما أتمناه أن تعود النخب الأدبية إلى الواجهة، ومن هُنا تَنشُط الحركة الأدبية، وتزول الرداءة

من حسن حظي أنني أقرأ باللغتين العربية والفرنسية، لذلك اقتفيت آثار الكثير منَ الكُتّاب العالميين، لا يُمْكنني أن أتخلَّى عن نصفي أو أجعل أحد النِّصفيْن يَـطـغَى على الآخر

يُركِّز أصحاب "نظرية جماليات التلقي" في قراءة النص في مختلف الأجناس الأدبية على الثالوث "الكاتب والنص والـمُتلقِّي"، ويُركِّزون على معرفة السيرة الذاتية للمبدع لتداخل بين النص وكاتبه

إذا اعتبرنا أن الأدب موهبة، علينا أن ننتصر للقائلين بأن الأدب يخضع إلى المعايير الفنية
انتميتُ لِلمدرسة الألمانية "جـماليات التلقي" التي من خصائصها مُطارَدة كل ما هو جـميل في النص الأدبي من أجل ترقية الذوق، التي من شروطها الثقافة الواسعة، وبُعد النظر، وتحيلنا إلى إنتاج نص جديد، ومع "حدث لـهنريك ابسن" أنـموذجًا

   أقول لكل المبدعين والمكتوين بحرقة الحرف أن يكتبوا ويكتبوا ولن يتوقفوا عن الكتابة ولا ينتظرون الإنصاف من جيلهم بل سوف تنصف كتاباتهم من الجيل القادم


 حاوره/الكاتب الصحفي جـمال بوزيان
  
   ضيف اليوم ناقد يَنهل من مَشارب ملوَّنة؛ في اسمه اسم مَدرسته؛ ناقد يُغلِّب كُلّ ما هو جـميل؛ ناقد أدبيّ يَسعى إلى كُلّ ما هو نبيل؛ ناقد يصدح برأيه في المحافل والمنابر... سألتُه عنِ الـمَدارس النّقديّة؛ والفَرق بيْن النّقد الأدبيّ الغربيّ والنّقد الأدبيّ العربيّ؛ وعن معايير النّقد الأدبيّ هلْ هي عِلميّة أَمْ فنّيّة؟ والـمَدرسة النّقديّة الّتي يَنتمي لها؛ وعنِ الاختلاف بيْن أنصار الـحداثة هلْ هو عِلميّ أَمْ فكريّ؟ وبعض كتاباته؛ وسألته عن ذكرى ثورتنا المجيدة، وواقع الإعلام الوطنيّ، ومعرض الجزائر الدّوليّ للكِتاب، وأسئلة أخرى.
   تَنشر "مجلّة آدم" الحوار الصّحفيّ مع النّاقد الأدبيّ جـمال غلّاب... قراءة ماتعة نافعة.

مجلّة آدم: مرحبًا بالأستاذ جـمال غلّاب.
ج-  كُلُّ الشكر لكَ صديقي، ولـمجلة آدم... اسمح لي قول كلمة في مجلة آدم كونه فضاءً جديدا، له مدلولاته وفي الهامش الفاصل بين الدال والمدلول، أرجو أن أقرأ عبره شرف الكلمة، ونبل المعنى، وأن تسد فراغا رهيبا في مجال الإبداع والفكر والثقافة، وأن تبذل جهدا في قابل الأيام.  
مجلّة آدم: نبذة عن جـمال غلّاب.
ج- كأي جزائري، نشأت في أُسرة مُحافِظة؛ درَستُ جميع  أطوار التعليم؛ أهم الشهادات التي حزتها شهادة  دار المعلمين من معهد الفارابي بالمدية، وشهادة مهندس تطبيقي في البِناء والأشغال العمومية، وشهادة ليسانس في القانون، وفي التسعينيات أسستُ نقابة وطنية للأساتذة ثم صرتُ بها أمينًا وطنيًّا مُكلَّفًا بالإعلام، وأسستُ  بهذا التنظيم مجلة شهرية، وكنتُ رئيس تحريرها... اشتغلتُ صحفيًّا  في الـخبر والشروق.
   أصدرتُ عدة مؤلَّفات  (1)  مقاربات في جماليات النص  الجزائري ( 2) مقاربات في  النص الأجنبي (3)  بحث  طويل حول ميخائيل سرفانتس كاتب رائعة "دون كيشوت"، وترجـمت كل أعمال إيزابيل ابرهارت، وآخر عمل  لي هو كتابة سيناريو حول تاريخ قلعة بني  حـماد.   
مجلّة آدم: لِمن قرأتَ منَ الأدباء والنّقّاد؟
ج-  من حسن حظي أنني أقرأ باللغتين العربية والفرنسية، لذلك اقتفيت آثار الكثير منَ الكُتّاب العالميين، لذلك  أقول  دائما: أنا نصفي القرآن الكريم والسيرة النبوية وكُتّاب الـمَهجر وجرجي زيدان وطه حسين وبن باديس وحافظ إبراهيم ومحمد البشير الإبراهيمي... إلخ، ونصفي الثاني ماركس ولينين وجون بول سارتر وكامي وسيمون بوفوار وغارسيا غابريال ومحمد ديب ومحمد أركون... إلخ. لا يُمْكنني أن أتخلَّى عن نصفي أو أجعل أحد النِّصفيْن يَـطـغَى على الآخر.
مجلّة آدم: هلْ معايير النّقد الأدبيّ الغربيّ تختلف عنها في النّقد الأدبيّ العربيّ؟
ج- أرجو أن لا أكون قاسيا في حُكمي، إن قلتُ: نحن أُمّة لا تَقبل النقد، وإنِ اشتغلتْ عليه فاشتغالها يقتصر على الجانب اللغوي، وجماليات اللفظ، والعبارة...  هذا يُعَدّ كبحًا للعملية النقدية، لذلك العملية النقدية   بقتْ مركونة في الرف منذ مئات السنين، وما ذكرته يكون عبد الرحـمان بن خلدون لخصه في الجملة الآتية "رافق أو نافق أو فارق"... السائد عندنا وعند الشرفاء هو الفِراق، أما عند الغرب فقد لخصوا الإبداع في   المعايير الآتية "الأدب موهبة والنقد حس والذوق  يُكتسَب عن طريق الـمِراس"... لذلك أستغرب من البعض من يلقبون أنفسهم بالشاعر الأكاديمي أو الشاعر العصامي!.
    السؤال الذي يطرح نفسه: ما علاقة التسمية الأكاديمية أو العصامية في الموهبة الأدبية؟ وبخصوص  العملية النقدية وهي تعتمد على الحس إضافة للثقافة الواسعة التي  يحوزها الناقد، وهُنا لا بد من الرجوع إلى  "نظرية جماليات التلقي" التي يتزعمها "أوس" حيث يركز في قراءة النص في مختلف الأجناس الأدبية على الثالوث "الكاتب والنص والـمُتلقِّي"، أصحاب هذه النظرية يركزون على معرفة السيرة الذاتية للمبدع،  حسب رأيهم هناك تداخل بين النص وكاتبه، ولا يُفهَم النص إلا من خلال معرفة شخصية الكاتب وهُنا يتدخل الناقد لـمُطارَدة كل ما هو جـميل داخل النص لإيضاحه للمتلقي العادي أي القار ئ لترقية الذوق، وهُنا يحضرني مَثل من القرن التاسع عشر بطله الكاتب النرويجي "هنريك ابسن" عند ما كَتب قصيدة  "بريجنت" التي كانت تحث على مواكبة النهضة الأوروبية، وجاء الألمان وأخرجوها في عرض مسرحي، ومِثل هذا الفعل دفع هنري ابسن إلى السفر لمشاهدة العرض، وفي النهاية خرج مندهشا لأن الألمان أبدعوا في قراءتها وخرجوا بـمثل وأفكار لَم تخطر حتى على الكاتب نفسه! وجاء بعده رولان بارث وقتل الكاتب  قائلا: اللذة وكل اللذة في النص، وجاء بعدهم الشكلانيون وأضافوا للثالث عنصرا آخر "الكاتب والنص والمتلقي والمكتبات".
مجلّة آدم: هلْ للنّقد الأدبيّ معايير عِلميّة أَمْ فنّيّة؟
ج-  إذا اعتبرنا أن الأدب موهبة، علينا أن ننتصر للقائلين بأن الأدب يخضع إلى المعايير الفنية، وهُنا أفتح قوسًا لأوضح "الـمُبدع الموهوب في الأدب قبل كتابة نصه أو نفثه تجد الأديب الموهوب يلتقط صورا من الحياة العامة، وعند ما تتخمر هذه الصور في ذهنه، وتنضج ينفثها في جنس من الأجناس الأدبية " قصيدة شِعر، قصة، رواية، خاطرة... إلخ. ومنه يُمْكننا طرح السؤال الآتي: أين المعايير العِلمية هُنا؟.
مجلّة آدم: لأيّ مَدرسة تَنتمي بصفتكَ ناقدًا؟
ج- أنا شخصيا أهتم  بالرواء الأدبي، بمعنى أدق أنا أرفض أن يُحمَّل النص الأدبي شبكة من المصطلحات والرموز، لذلك -منذ البدء- انتميتُ لِلمدرسة الألمانية "جـماليات التّلقِّي" التي من خصائصها مُطارَدة  كل ما هو جـميل في النص الأدبي من أجل ترقية الذوق، التي من شروطها الثقافة الواسعة، وبُعد النظر، لأنها في النهاية تحيلنا إلى إنتاج نص جديد، ومع "حدث لـهنريك ابسن" أنـموذجًا.
مجلّة آدم: ما الـمقصود بالأدب القديم؟
ج-  شخصيا لا أقتنع بهذه التصنيف لأن الأدب ليس بالثابت، بل على الدوام يخضع لمتغيرات الواقع، لذلك النقاد الغربيون في إجماعهم أجمعوا أن الأدب يخضع للبيئة، وما يحيط بالبيئة، واصطلحوا على تسمية ما سلف  ذِكره المذاهب الجمالية  "المذهب الكلاسيكي، المذهب الطبيعي، المذهب الواقعي، المذهب الرمزي، المذهب  السريالي، المذهب الصوفي، المذهب العبثي"... لكل  مَذهب من  هذه المذاهب لذته ومتعته.   
مجلّة آدم: ما مفهوم الـحداثة في الأدب والنّقد؟
ج- يقال بالمثال يتضح المقال، مرة كنت في إحدى مقاهي طنجة، وحينذاك تَحلَّق الكثير من المبدعين المغاربة حول محمد أركون -يرحمه الله-،  وطُرِح سؤال من الحضور حول السلفية والحداثة، أجاب أركون: "أنا سلفي، وفسر مقولته كالتالي: "الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-  جدد في عهده، وكان حداثيا لعصره، ووفق ما توفر من إمكانات التطور".
    إذن، أنا على نهجه، أي أَقبل التطور والعصرنة ومواكبة كل ما هو متغير محليا وعالميا، وأعود إلى سؤالك لأوضح أكثر المنهج  السيميائي أو ما يسمى "نظرية المحاكاة" عند أفلاطون، هذه الأخيرة تمقت التحجر وتعمل على البحث في كل ما هو أحسن وأجمل، وبهذه النظرية تطور الأدب وعِلم الاجتماع والطب... إلخ.  لذلك أنا أُفضِّل التوصيف التالي "الإنسان ابن عصره ومتطلباته".
مجلّة آدم: ألا تَرى ازدياد شدّة الصّراع بعْد ظهور مَذهب الـحداثة الأدبيّ والنّقديّ؟
ج- في حدود  تقديري صراع مجاني، لا طائل من ورائه، الدليل هو تحوّل "النص النقدي" حاليا إلى نص ميكانيكي "التناص، والسيميائية، والشكلانية... إلخ. لذلك علينا أن نتفق دائما على أن الأدب موهبة والنقد  حس والذوق يُكتسَب عن طريق الـمِراس.
مجلّة آدم: هلِ الاختلاف مع أنصار الـحداثة عِلميّ أَمْ فكريّ؟
 ج- سبق وأن قلتُ: إن الأدب هو مجرد صور ومَشاهِد تُنقَل من الواقع لتكتـنـزها الذاكرة، وعند ما  ينفثها المبدع الأديب في مختلف الأجناس الأدبية، المتلقي هو من يحدد حيز زمانها في الماضي، كان الـجَمل والفرس، واليوم صارتِ الطائرة والسيارة والقطار والرقمنة، ومن هنا يتم تحديد ما هو ماضوي، وما هو حداثي. 
مجلّة آدم: كيْف السّبيل لفكّ اشتباكات الـمَذاهب الأدبيّة والنّقديّة؟ لماذا لا يُراد حياة للاختلاف ""قلِّدني أو لا تَكنْ"؟
ج- دعنا نتفق أن المذاهب الأدبية تكمن في الكلاسيكية والرومانسية والطبيعية والواقعية والرمزية والسريالية  والصوفية والعبثية والسحرية والمناهج النقدية هي التناص والتشكيلية والتفكيكية والسيميائية وجـمالية التلقي والانطباعية... إلخ.  لكل مَذهب ومنهج نقدي مفاتيح قراءته لفهم معنى النص، وما يخفيه، لذلك لا يحق لنا أن نقول: "الاختلاف، بلْ علينا أن نقول التوظيف". 
مجلّة آدم: هلْ يوجد حقيقة إنصاف بيْن أنصار الحداثة ومُخالفيهم؟
ج- في  حدود فهمي المتواضع  هناك سوء تقدير لفهم الـحداثة، كما  يقول المثل الشعبي الجزائري "الجديد حبو والقديم لا تفرط  فيه"، يُمْكن اختصار العِبارة "هناك ثابت ومتغير"، ومن هنا أفهم ما هو ماضوي وما هو حداثي. 
مجلّة آدم: يشكو كثير من كُتّاب القصّة والرواية والشِّعر انتفاء نُقّاد أدبيّين وإنْ وُجدوا يظهر نقد الـمُجاملات والـمُحاباة في العالَم العربيّ؟ وهلْ يَلتزمِ الكُتّاب بإرشادات النُّقّاد؟
ج- أتفهّم  شكاوى الكثير منَ المبدعين منْ ظلم بعض النقاد؟ النقد عندنا تحت الطلب ومبني على "الشللية" والإعلام الـمُزيَّف "... وأما الزبد فيذهب جفاءً...".
   من هُنا أقول لكل المبدعين والمكتوين بحرقة الحرف أن يكتبوا ويكتبوا ولن يتوقفوا عن الكتابة ولا ينتظروا الإنصاف يأتيهم من جيلهم بل سوف تنصف كتابتهم من الجيل القادم، وهنا لا بد من الإشارة إلى عيِّنة عبد الرحـمان الـجيلالي، لا أحد عرفه بأنه  أديب وفنان بلْ عرفه الجزائريون بعد  خمسين سنة  مفتيًا، وفقط ومن هنا يتم القياس. 
مجلّة آدم: ما رأيكَ عمومًا في معايير الدّوريّات الـمُحكِّمة والـجوائز الأدبيّة في العالَم العربيّ؟
ج-  الدوريات الـمُحكِّمة وتبعًا لما اطلعتُ عليه جلها في المستوى وتخدم الإنجاز الأكاديمي، أما الـجوائز الأدبية  فتخضع للجهوية، والأمور السياسوية، خذ مثلا جائزة بوكر للرواية، اللجنة التي بها من النقاد لا يعرفون مرجعية الرواية ولا عناصر السرد الثمانية الـمُشكِّلة للرواية، ويُصدِرون أحكامهم في مثل  هذا الجنس الأدبي؟ أيعقل هذا؟.
مجلّة آدم: بوصفة منكَ؛ متى تَنشُط الـحركة الأدبيّة والنّقديّة في العالَم العربيّ؟
ج- فاقد الشيء لا يعطيه، الذين في الصدارة لا علاقة لهم بالإبداع، ما أتمناه أن تعود النخب الأدبية إلى الواجهة، ومن هُنا تَنشُط الحركة الأدبية، وتزول الرداءة
مجلّة آدم: هلْ تَرى وفرة في كُتب النّقد الأدبيّ؟
ج-  ما هو متوفر من مَراجِع في كُتب النقد يفي بالغرض المطلوب، وهناك نهضة جاءت بها الرقمنة، حيث  صارت هناك مواقع لتعبئة الكتب، وبخصوص ما قدمتُه من أعمال هو مجرد قراءات انطباعية عن إصدارات،  كما أشرتُ، صدر لي المؤلَّف الأول عن اتحاد الكُتّاب الجزائريين عام 2002 م عنوانه "مقاربات في جماليات النص  الجزائري"، والمؤلَّف الثاني بعنوان "مقاربات في جماليات النص الأجنبي".
مجلّة آدم: هلْ يُمْكن معرفة أبحاثكم؟
ج- بخصوص الأبحاث فقد ركزت على الرحالة، حيث صدر  لي مؤلَّف عن "ميخائيل سرفانتس"، والمؤلَّف الثاني فضلتُ نشره في شكل كِتاب إلكتروني، هو حاليا في أكبر موقع عالمي، عنوانه "الأعمال الكاملة لإيزابيل ابرهاردت".
مجلّة آدم: هلْ كتبتَ خارج النّقد؟ اختر لقرّاء "مجلة آدم" بعضًا من كتاباتكَ؟
ج- عندي مجموعة نصوص نثرية، هي عِبارة عن مخطوط وهذه بعض النماذج.
فضيحة الصمت

البوح لتبديد الصمت أنــــا
لتقليص المسافات أنـــــــا
لإزالة اللواعج أنــــــــــــا
*****
بوح وميضه يضيء أعماق الظلام
صداه يجسد في صدره ترديد الاتصال
اللسان الناطق بحبك المخبأ في السرائر
الوعد الجامع بدون ضوابط
*****
بوح الصمت المنادي أنــــــــــا
لا أحد يعطلني على مواكبة سمر ليلك
*****
أوضح بوح للروح أنــــا
غرس الحب في كل اللفظ
البوح المبلبل للغناء بصوت خافت
الأنين و البكاء في قبضة الزلازل
أستمع إلى قلبي
*****
بطيء هذا المساء الأزرق
ابتسامتك تغطي حياتي
سنون عائدة بدون توقف
عائدة إلى سذاجة
*****
لكل بسمة تجاوبت مع الضوء
المضيئة للزوايا المظلمة بروحي
روحي، الـمنطفئة، الـحزينة، الـمكفهرة
لوضع نهاية لظلامي... بقدوم الشمس
*****
دموعي البكمـــــــــــــــاء ماضيـة
من كل تأوه يتخمر متحررا
تقطير الألم من الماضي وإلى غير رجعة
مناديا من أعماق القلب
من ألف لون
وأخيرا طارت الفراشات.

مجلّة آدم: ما هو آخر كِتاب قرأتَه أو تَقرأه حاليًا؟
ج-  حاليًا أنا بصدد  قراءة كِتاب "النقد الأدبي الحديث" للدكتور محمد غنيمي هلال.
مجلّة آدم: ما هي اهتماماتكَ الأُخرى؟
ج- كتبتُ أخيرًا سيناريو بعنوان "الـمرأة التي هزمتْ حـمّاد بن بلكين"، وسلَّمتُه إلى التلفزة الوطنية، أنتظر التصوير.

مجلّة آدم: كيف ترى الاحتفال بذكرى ثورة نوفمبر؛ وهلْ حقّقت أهدافها حتّى الآن؟
ج- أرجو أن لا أكون  قاسيا في  نقدي، ومع  ذلك لا بد من قول الحقيقة تجاوزا لأي غش بيني وبين  نفسي، وبيني وبين السواد الأعظم، وذلك وفاء لشهدائنا الأبرار ولمجاهدينا الشرفاء الأحرار!.
   لقد احترمنا العالم من خلال  ثورة الفاتح من نوفمبر، وهي الثورة التي لم تتكرر إلى يوم الناس هذا، والسبب لأنها ولدت من ألم  ووجع الشعب الجزائري العظيم بكرمه وصفائه وطهره وإخلاصه وصدقه، وما يؤسف له أننا لم نحسن الاستثمار في زخم هذه الثورة المجيدة نتيجة الردة التي عرفتها مسيرتنا المكللة بالخيبات والانكسارات إلى الحد الذي لم يبق من هذه الثورة سوى الاسم؟ نعم، لقد خنا الشهداء ودسنا على كرامة المجاهدين الحقيقيين بعد إزاحتهم وإزاحة كل شريف، وجففنا وثيقة بيان أول نوفمبر من قيمها ومبادئها فكان الضياع!.
   وهنا السؤال يطرح  نفسه: من يتذكر  هذه المناسبة؟ إذا كان من صنعها  يعيش في الأقاصي المسيجة بالتهميش والإلغاء؟ وما يجب أن يفهمه ويعيه ويقتنع به هذا الجيل والأجيال اللاحقة أننا نتذكر مع الذاكرين أن ذكرى أول نوفمبر تعني التحرر من العبودية التي راهن عليها الاستيطان المتوحش المحتل، حيث كان  يصفنا  بالبهائم؟! وقد أثبتت له ثورة  أول نوفمبر بأن الشعب الجزائري عصي على أي كان يريد الدوس على كرامته؟!.
   والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه: ماذا تجسد من ثورة أول نوفمبر في الواقع؟
 بالمختصر المفيد، من كان من علية الناس زحزح إلى الصفوف الخلفية، ومن كان رديئا صار في الصدارة، وإلى أن تلخص المشهد الاجتماعي والثقافي والسياسي في الأتي: الناجح لا يتقدم، والفاشل يرقى، وكل من يحاول التقدم يعاقب ويشرد، وهذا كل شيء!.
مجلّة آدم: هلِ الإعلام الوطنيّ بشقّيْه العامّ والخاصّ يعكس صورة الواقع الجزائريّ؟
ج- لا نكذب على أنفسنا بخصوص الإعلام، هذا المجال استولت عليه عصابة لا علاقة لها بالإعلام!، والدليل  كلما نضج به صحفي يطرد بحجة أنه "صار يفهم"!، ومن باب الإنصاف أن سبب مآسينا وتعويم الرداءة في كل المشاهد "السياسية والاجتماعية والثقافية والإبداعية" هو هذا الإعلام، وفي القطاعين الخاص والعام  الذي تحول إلى وكالات إشهار ووسيلة من وسائل تغليط الرأي العام بدل غرس الوعي به وتنويره، ولا أحد  يريد الإقرار من أصحاب القرار أن الإعلام معلومة ومن مصدرها!.

مجلّة آدم: ما رأيكَ في معرض الجزائر الدّوليّ للكِتاب؟
ج- إن الدولة الجزائرية، وانطلاقا من الطبعة الأولى للمعرض الدولي  للكِتاب، وإلى الطبعة الـ 22 الحالية، وطيلة  هذا الحيز الزمني كانت سخية بل كانت في كل مجالس حكوماتها ترصد  ميزانيات ضخمة   خدمة  للفكر والثقافة والإبداع، ومن أجل ترقية المثقف، وفي هذا السياق سأسرد وقائع مؤلمة حين تابعت الطبعة الـ 20 للمعرض  الدولي للكِتاب، وشاهدت عن قرب ما يندى له الجبين ففي هذه الطبعة رصدت  36 مليار سنتيم لتكريم المثقفين والكُتاب والإعلاميين وتغطية الندوات، وفي الختام لا إعلامي ولا كاتب ولا مثقف ولا مبدع كرم، ولا ندوات نظمت، وحينما طالبنا بتقرير أدبي ومالي لمعرفة أين صرفت هذه الأموال   الضخمة فكان الرد من المحافظ سامي بن الشيخ:"... المعرض عرف عرف نجاحا باهرا، وما عدا عائق واحد أن  موقف السيارات ضيق، ولا بد من توسيعه..."!. انتهى نص التقرير الأدبي و المالي.
    وكالعادة، استولت العصابة على الأموال! وفي كلمة واحدة منذ هذه الطبعة قاطعت المعرض التي تحول  إلى كشك كبير، وجففت منه كل حيوية ونشاط!.
مجلّة آدم: سعيدٌ بكَ اليومَ؛ كرمًا لا أمرًا اختمِ الـحوار.
ج- ما أتمناه من إدارة "مجلة آدم" ألا تفشل لأن المثبطين كثر، وأن تبقى "مجلة آدم" منارة نستنير بها ويستنير بها كل المبدعين.


ليست هناك تعليقات