بين ردة الفعل و الفعل يكون الوعي مرتفعا
بين ردة الفعل و الفعل يكون الوعي مرتفعا
لا شك أنكم تعرفون تجربة العالم الروسي "
بافلوف " التي أجراها في مخبره على كلب حيث في كل مرة يدق الجرس قبل تقديم الطعام يسيل لعابه ، فمن
هنا بدأت معالم هذه النظرية التي تفسر السلوك البدائي للإنسان على أنه عبارة على مثير (رنة الجرس ) و استجابة (سيلان اللعاب ) و
استنادا لهذه التجربة فُسّرت الكثير من سلوكيات الانسان على هذا النحو ..
في الكثير من الأحيان تصادفنا مواقف من الأشخاص
الذين نتعامل معهم يوميا و دون تحليل للموقف و مباشرة تكون ردة الفعل بشكل من الفضاضة
أو "العنف "، مما نتج عنه تدهور العلاقات الاجتماعية و الاسرية و التي تظهر
في أشكال كثيرة من قطع الرحم و عدم الانسجام في أوساط العمل....، فالذي يتصرف بفضاضة
كردة فعل فورية و بعدها يعتذر، في معظم الأحيان عــُــذره يبقى متحفظا عليه فالنبي
صلى الله عليه و سلم و ما أدراك قال له تعالى : " لو كنت فظا غليظ القلب
لانفضوا من حولك " .
الفضاضة كردة فعل أصبحت في مجتمعي قيمة
اجتماعية ، يعني الذي يرد بعنف أو بعبارات جارحة على تصرفات الآخر (الذي ربما أخطأ
أو ربما لم يُــَفهِّم جيدا رسالته ..)، أصبحت ذو قيمة و كأنها وسيلة تعبيرية في رسم
الحدود مع الآخرين أو لفرض الشخصية ..
يتكلم علماء النفس حاليا على ثلاث أبعاد يعيشها
الانسان اثنان منها وهميٌّ و الثالث حقيقيٌّ و هما : بُعد الماضي وبُـــعدُ المستقبل لأنهما ليس
لدينا القدرة على السيطرة عليهما، يعني
الانسان الذي يصادفه موقف سلبي يسافر بذهنه للماضي فيأتي بالأفكار و التفسيرات
السلبية التي تدعمه أو يتخيل نفسه في المستقبل و هو ربما يعاني أو يُنتقد لأنه لم
يتصرف و يدافع عن نفسه بفضاضة !، أما
البُعدُ الحقيقي هو العيش في
الحاضر ، من هنا نطرحه كحلٍّ للرفع
من نسبة الوعي و ذلك بأن يجعل الانسان فاصلا بين المثير و الاستجابة يعني
في المواقف السلبية نتوقف ..، نأخذ بعض الوقت
لنفهم جيدا محتوى الرسالة أو ربما من الأفضل أن نركز على تنفسنا و نجلس
للحظة أو حتى ننسحب من المكان الذي تعرضنا فيه لذلك السّلب ..
إذا أن تجعل فاصلا و وقتا مستقطعا بين المنبه
السلبي و الاستجابة لتتصرف بعدها على أساس
التحليل العقلاني للموقف لأجل أن تكون تصرفاتك مبنية على الوعي و على الفعل لا على ردة
الفعل.
أما الذي يُصِرّ على التصرف بفضاضة لأنها تحقق
له مكاسب شخصية يُخاف أن ينطبق عليه حديث الرسول صلى الله عليه و سلم : " إن
شر الناس عند الله مكانة يوم القيامة رجل اتقاه الناس لشره " ، و لنرجو أن نكون من الذين ينالون مراتب عليا
في الجنة بحسن الخلق .
الماستر
النفساني : حمزة بن قاطي
23/07/2017
ليست هناك تعليقات