آخر الأخبار

الفنان التشكيلي السوري اسماعيل الرفاعي لآدم:الفن يحيى بداخلنا والامارات تحيا به فلابد مساعدة الهواة والمحترفين في هذا المجال


تعدت أشكال التعبير بالصورة لغة الألوان والتفاصيل، حتى صار صمتها وهدوءها كلمات وجملا يفهمها البعض ويقاسمها أحيانا مشاعرها، ولم يكن الأديب السوري اسماعيل الرفاعي ليكتفي بلغة الكلام في نصوصه، وهو المبدع في عالم الفن التشكيلي، فراح بلوحاته يتجاوز صراخ شخوصها وهمساتها إلى إيحاءات الصمت المكنون بداخلها، وفي هذا كان لمجلة ادم مع الفنان لقاء بلورناه في هذا الحوار.

 حاورته: إيمان حساني.            
 س: في البداية من يكون الأستاذ اسماعيل الرفاعي؟
ج: فنان تشكيلي من سوريا مقيم في الإمارات، تنوعت مساهماتي بين الكتابة والفن التشكيلي، غير أن الريشة هي أقرب إلي تعبيرا من القلم.
 س: معرضك الحالي يحمل عنوان: إبداعات صامتة، هل للصمت عندك معنى آخر؟
ج: إبداعات صامتة أو مكاشفات صادقة، وأغلب رسوماتي لها علاقة بالصمت غالبا، هي في الحقيقة علاقة اللوحة بعالمي الداخلي، بمكنوني الداخلي وحديثي مع نفسي، وشخوص لوحاتي تجمعهم لغة الصمت وهي بالتأكيد لغة الروح، فمشاعر الحب والفرح والحزن قد لا نجد لها من كلام غير الصمت أحيانا. س: هل تقصد بلغة الصمت هنا الإيحاء؟ ج: طبعا، وقد تكون الإشارة أو الإبلاغ غير المنطوق.
س: للحزن في لوحاتك مساحة كبيرة، فهل هذا تعبير عنك؟
ج: أنا معك في بعض ما تقولين، لكن الحزن يكون أحيانا تعبيرا عن حالات نجهل نحن بالذات غير أننا نحسها ونعبر عنها، الأمر له علاقة بالإرث الفني القديم، إحدى لوحاتي كانت تعبيرا عن هذه الصلة، فقد تجدين بعض ما نراه مجرد لوحات ورسومات، كانت حياة بكل تفاصيلها في عصور فرعونية مثلا، فالإرث البصري قد يكون يشكل التاريخ ويحمله معه. س: صراع الأبيض والأسود لم تنتهي معاركه في لوحاتك، هل دلالات غير التي نعرفها ونقرأ عنها؟
ج: تجاوزت في لوحاتي مرحلة الألوان وصراعاتها، ولم يعد يعيق رسمي لها اختيار اللون أو أن يجبرني الحزن مثلا أن اختار له الأسود مثلا، فمنذ 2012 تلونت لوحاتي رغم المآسي التي نعيشها، هكذا هي الحياة عند الفنان، يجبر الحزن أن يرتدي لونا زهيا، فالحروب والأزمات والحزن يحيطنا من كل مكان، وكما تعلمين فأنا من سوريا وما يجري بها غني عن أي كلام، بل صار الدمع والأسود مصير كل تعبير أو محاولة الكلام، حياة رمادية خلفتها نار المأساة، حولتها إلى معارض من أثر الرماد، هي محاولة للإفلات من قبضة الحزن والألم ورؤية الحياة بألوانها، غير أن هذا لم يدم بي طويلا، وعدت إلى يقبع صمتي، وجدتني في الداخل، هناك حيث الصمت وحده لغة كلام.
س: الملاحظ في لوحاتك، تواجد المرأة أو الأنثى بشكل واضح فيها، فهل في الأمر سر ما؟
ج: تفسير الأمر لا يحتاج سرا، فالمرأة أصل الكون ومنبعه، وكقيمة جمالية لا يمكن لأي فنان أن يتجاهل جسدها وتشكيلاته في أعماله، هناك تفاصيل وتعبيرات أرقى في كل لوحة يكون لجسد الأنثى فيه تواجد، هناك بعد عاطفي يمكن أن تحمله اللوحة من خلال هذا، هي الأقرب لمكمن الروح فينا ووجداننا.
 س: وهل هي وسيلة للتعبير عن المأساة أيضا؟
ج: بصراحة وهذا رأي كل فنان، فالمرأة هي الأقرب والأجدى للتعبير المباشر أو غير المباشر عن أي شعور بداخلنا، وبسوريا اليوم والأمس، كانت الحرب وكان الحزن والموت يغشيان قلوب الناس، غير أن المرأة هناك قدمت ما لا طاقة للرجل على تقديمه، واستحقت بهذا أن تكون هنا بكل لوحاتي ومعارضي. واليوم أنا بصدد تقديم هذا المعرض، وكما تلاحظين فالمرأة حاضرة به وبقوة، ولها صلة مباشرة بلوحاتي وحتى معرضي السابق بعنوان أساطير يومية، وصلتها لم تقتصر بسوريا، بل بكل العالم العربي والتاريخ عموما، فلوحات الفنان التشكيلي قد تتجاوز مقياس الوقت والمكان في مدلولاتها، والتاريخ له امتداد لحياتنا اليوم، فالقتل والحزن والدموع بدأت من يوم قابيل وامتد الحال ليصلنا اليوم ولو بصور ومشاهد مختلفة. الفنان لا يريد أن يخفي الواقع أو يزيفه، لكن يحاول بقدر المستطاع أن يفتح نافذة لقراءة المشاهد بطرق أخرى، أن يوصل رسالته بتعابير مختلفة ولو كانت صمتا أو لونا أو حلما حتى، هذا هو البعد الوجودي الذي نحيا عليه.
 س: أنت كفنان تحاول من خلال كل معرض أن تتناول مواضيع لها بعد وعمق ما، هي هي امتداد لبعض أم أن لكل معرض فرصته وفكرته؟ 
ج: كل فكرة معرض أقدمه هي مادة أولية أو عجينة لفكرة أو معرض قادم، وليس هذا محل تفكير وتخطيط بقدر ما هو انتظار للقادم، فالفنان يقوم صباحا يحمل ريشته وقلبه، ينتظر أن تناديه الروح أو صمته الداخلي ويبوح له بشيء قد يتبلور إلى لوحة ما، أو قد يكون مشهدا مر على ناظري فوجدتني أحوله لوحة تكون لبنة معرض ما.
س: من غير المرأة، هل استلهمت أفكار لوحاتك من تجارب أو دوافع أخرى؟
 ج: بصراحة، لوحاتي لم تكن المرأة وحدها جوهر فكرتها، فمثلا وكغيري من الفنانين التشكيليين، كانت اللوحات العالمية و الأساطير أحيانا مصدر إلهامنا، وقد كنت متأثرا بحياة المسيح واشتغلت على هذا الأمر طويلا، لم تكن لي من معلومات عنه غير ما يعرفه العام والخاص، ولكن اللوحة والتشكيلي خاصة يحتاج أكثر من معلومات


س: أين يمكن لمن يتابعك أن يجد أعمالك؟
في الحقيقة أعمالي على مشارف الطباعة قريبا، هناك مؤسسة تبنت نشر كتبي الثلاثة، ويوم تحين اللحظة سنعلن عن كل تفاصيل التوزيع والنشر، وسأكون حينها أسعد بمتابعة الجميع لأعمالي واقتنائها.
س: كونك مطلع على الواقع الثقافي السائد في الإمارات، ما تقييمك له؟ ^
لن أكون متسرعا لو قلت لك أن الإمارات العربية اليوم تعد أنشط ثقافيا من أي مكان آخر، هناك ثورة ثقافية وفنية يشهد لها الجميع في كل مكان في الإمارات، تعدد منابرها ومعارضها ونواديها الثقافية حتى باتت ترسم مشهدا جميلا قل نظيره في المنطقة العربية، فأبوظبي والشارقة ودبي بها ما يفوق المئة معرض ودبي نفسها تحولت في الفترة الأخيرة إلى قبلة لكل نشاط، وهذا ما ساعد على تنمية النشاط الثقافي والفني بها. الإمارات اليوم ثقافيا باتت وجهة عالمية للمثقفين والفنانين، والقائمون على وضع برامجها عبر مجمعاتها الثقافية يولون أهمية كبيرة لدور النهضة الثقافية في تنمية وتقدم أي مجتمع كان.
 س: استكمالا لحديثنا عن النهضة الثقافية التي تشهدها الإمارات، كيف يمكننا الاستثمار والاستفادة من هذا؟
ج: كما قلنا فنحن الآن أمام تنوع ثقافي وحضاري جعل من الإمارات عاصمة للفنون والثقافة، فقد تعددت واتسحت رقعة هذا النشاط ليصبح واقعا نعيشه كل يوم، وفي كل مكان سواء في الشارقة أو دبي أو أبوظبي، وهذا الأمر يحتم على القائمين على الشأن الثقافي مراعاة الموازنة بين الكم والنوع والجودة، ومساعدة الهواة والمحترفين على السواء لتقديم المزيد من الإبداع، من خلال توفير الظروف والمناخ المناسب لنجاح الأمر. والأمثلة على هذا كثيرة، فالشارقة مثلا لها عديد البرامج والمناسبات الفنية والثقافية، ناهيك عن المؤسسات والهيئات الراعية والداعمة للفنانين والمبدعين من كتاب وغيرهم، لهذا نحن نلحظ غزارة الإنتاج والقدرة على مواكبة ومسايرة تطور الحركة الثقافية والفنية في المنطقة. كما أن الدعم شمل فئات متنوعة من المبدعين، فكان نصيب الكتاب والسينمائيين والمثورين والمسرحين وغيرهم ممن يشكلون الفسيفساء الثقافية للمنطقة، كما أن الدعم شمل غير الإماراتيين ممن قدموا واقترحوا مشاريعا ثقافية وفنية جادة وكان لهم نصيب من الرعاية والدعم، ومتابعة مستمرة من القائمين على المؤسسات والهيئات الراعية والداعمة لكل مجهود أو نشاط ثقافي أو فني جاد. الإبداع الفني والثقافي في الإمارات شيء محمود يستحق من يرعاه ويمد له يده ليصل بصاحبه إلى بر التألق والنجاح. ولم تكن أبوظبي لتتأخر عن الركب، وهي اليوم تشهد نهضة وتنوعا ثقافيا وفنيا وفكريا مميزا، فنال الشعر وغيره من الأجناس الأدبية وكذا الفن التشكيلي ما يستحق من رعاية ودعم، سواء للإماراتيين أو غيرهم.
ختاما لحوارنا الشيق معك أستاذ اسماعيل، هل من كلمة تود تقديمها لقراء مجلة ادم ومتابعيك خاصة؟
ج: أشكر لكم جميل حواركم لي واهتمامكم بمسيرتي الفنية المتواضعة، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن عشاق فني ومتابعي، وأن تنال لوحاتي ونصوصي إعجابهم وشكرا للجميع.











ليست هناك تعليقات